ابداع شباب بحرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةhttps://wwwadawyفيس بوكأحدث الصورالتسجيلدخول
روابط التحميل بالمنتدى جميعها مختصره وبضغطه واحده يتم التحميل وبدون صفحات مزعجه ولا عدادات للوقت
روابط التحميل بالمنتدى لن تظهر وانت زائر وهناك بعض روابط تحتاج رد يرجى التسجيل
رابط ديفكس هوا رابط شبيه بالتحميل من اليوتيوب كل ماعليك هوا الضغط على علامة التشغيل وسيفتح برنامج التحميل الخاص بك فورا
عملية التسجيل فى المنتدى والتفعيل تم اختصارها لتصبح فى اقل من دقيقتين وتم اختصارت البيانات حتى تكون عملية التسجيل بسيطه لكل الزوار
اذا كـــــــــانت لديك افـــــــــكار لتطـــــوير المنــــــــتدى فشـــــــــاركنا وكـــــن احد المؤســـــسين

 

 عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ناصر السنة
عضو جديد
عضو جديد



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 11/06/2012
العمر : 36
الموقع : ابداع شباب بحرى

عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية Empty
مُساهمةموضوع: عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية   عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 12, 2012 11:55 am

من المعلوم أن الدعوة السلفية، هي دعوة الحق المطمئنة للقلب، والمقنعة للعقل، فهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها كما في قوله تعالى:{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }. الروم (30) وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه – أنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ). والمسلم في فطرته يميل إلى هذه الدعوة الوسطية، فهي بعيدة عن الإفراط والتفريط، وأهلها هم أهل الحق الذين جاء وصفهم في قوله تعالى :{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }. البقرة (143) وخواص أهل الدعوة هم الطائفة المنصورة، كما في حديث جابِر بن عبد الله – رضي الله تعالى عنه- قال : سمعت النبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لَا تَزال طائفة من أمتي يقَاتلون علَى الحق ، ظاهرين إِلَى يوم القيامة ) . وعامة الناس فيها هم الفرقة الناجية الذين جاء وصفهم في الحديث عن عبد الله بن عمرو- رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل حذو النعل بالنعل ، وإنهم تفرقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار غير واحدة . فقيل : يا رسول الله ، وما تلك الواحدة ؟ قال : هو ما نحن عليه اليوم وأصحابي). فالدعوة السلفية هي دعوة الحق، وهي النهج القويم، وهي الصراط المستقيم، لا يخالفها إلا زائغ، ولا يعاديها إلا جاهل، فهي منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ومع ذلك نجد إعراضاً كبيرا من الناس عن هذه الدعوة مما يحملنا على التساؤل عن أسباب نفور الكثيرين من الدعوة السلفية رغم ما هي عليه من حق مبين، دلت عليه آيات بيّنات، وحجج واضحات. وبعد التأمل والتدبر في حقيقة الأسباب نستطيع إرجاعها إلى النقاط التالية :

أولاً: شبهة صلتهم بالحكام:

قناعة كثير من الناس أن لهذه الدعوة صلة بالأنظمة الفاسدة، وأنها تُحرك من قبل الحكام الذين يعملون في غير مصالح الأمة، ويحرصون على علاقات مميزة مع أعدائها، وكثير منهم مَن يعتبر هؤلاء الحكام أولياء أمور شرعيين، لا تجوز مخالفتهم، ولا الخروج عليهم، وينسبون كل من أنكر عليهم إلى الضلال، وهذه حقيقة ثابتة، فقد عكس أولئك الجاهلون المثبطون النظرة السلبية لدى الأمة لما يروجونه من أكاذيب تحملهم عليها مصالحهم الشخصية، فلا يتوانون من ترويج ضلالهم في الحكم على عملاء الأمة بأنهم أولياء أمور شرعيين، مما تسبب ذلك بإعراض الكثيرين أصحاب الفطر السليمة عنهم، بل وأدخلوا غيرهم من المخلصين في زمرتهم جهلاً وظلماً. فكل من عرف الدعوة السلفية، وأخلص في الحكم عليها علم يقيناً أنها دعوة الحق، فالدعوة السلفية تقوم على أصول ثابتة مرجعها إلى التوحيد، وهذا ما يميز الدعوة السلفية عن غيرها، فهي تتبرأ من أشكال الشرك كله في الأقوال والأفعال والنيات، فتحارب الشرك بأنواعه وأشكاله المختلفة، ومن ذلك شرك التشريع، فلا يجوز للأمة أن تتحاكم إلى غير شرع الله، فهذا من الكفر قال تعالى :{ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }. يوسف (40 ) فالخروج عن نظام الإسلام واستبداله بغيره من الشرك، وهو من الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان،ولا يخرج عنه إلا منافق معلوم النفاق، قال سبحانه :{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً }. النساء (61) وإن كنا كما ذكرنا في كثير من الرسائل نرى التفريق بين الحكم على المعين، والحكم على المسائل، إلا أن الحكم على المعين بعدم الكفر لا يلزم التوقف عن معاملته وفق الأحكام الشرعية كما في الحديث عن عبادة بن الصامت – رضي الله تعالى عنه- قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا Sad أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان). فالحاكم إن أظهر الكفر البواح، وهو أن يكون الفعل كفراً ثابتاً بنصوص الشرع، وترك الحكم بما أنزل الله من الكفر، وهذا ما لا يماري فيه مسلم عَلم مقاصد الشريعة، وعليه يكون من ترك الحكم بما أنزل الله أو استبدله مظهراً للكفر البواح، ولا يشترط أن يكون خارجاً من الملة، فقد يكون جاهلاً أو مكرهاً، أو ما إلى ذلك من الموانع التي تقضي بعدم تكفيره، ولسنا بصدد تفصيل المسألة فقد بيناها في أكثر من رسالة، لكننا بصدد معرفة العوائق التي تحول دون إقبال الناس على الدعوة السلفية رغم أحقيتها، فأصحاب الفطر السليمة يأبون أن يكون هؤلاء الحكام أولياء أمورهم، فهم على دراية كاملة بحقيقة حكامهم، فكيف يكون العاملون لمصلحة أعداء الأمة أوصياء عليها، فلولا أنهم يقادون نحو طاعة مجرميهم بالحديد والنار، لما أبقوا على هؤلاء العملاء، فحكام هذا الزمان ينطبق عليهم قوله - صلى الله عليه وسلم – كما في حديث عوف بن مالك- رضي الله عنه – قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-) : خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم ، فقلنا : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، ألا من ولي عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة ) . ومن هذا المنطلق ينظر عامة المسلمين إلى الدعاة السلفيين على أنهم مصدر ذل وهوان، وأنهم أتباع للحكام العملاء، مما ينفرهم عن الدعاة، ويحملونهم على اتهامهم ، فحري بمن نسبوا أنفسهم للدعوة السلفية أن لا يكونوا مصدر تنفير عن الدعوة، بل يجب عليهم أن يرغبوا الناس بمنهج الحق، وذلك من خلال إخلاصهم لله سبحانه، واتقائهم للشبهات التي تحول دون ثقة الناس بهم.

ثانياً : كثرة اختلافاتهم المؤدية إلى تفرقهم:

فالسلفيون رغم ما يتزينون به من علم، واقعون في خلافات كثيرة فرقت بين صفوفهم، وباغضت بين قلوبهم، فأصبحوا بدلاً من أن يوحدوا جهودهم، ويعملوا على تحقيق الهدف من الدعوة، متفرقين متعادين، ينفر بعضهم عن بعض، وقد أصبحوا في دينهم أحزاباً وشيعاً فتحقق فيهم قوله تعالى :{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( 31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }. الروم. (32 ) فلا تكاد ترى لهم تجمعاً يضمهم، أو يقرب بينهم، وقد حملهم هذا على الإعراض عن مخالفيهم وانشغالهم ببعضهم بعضاً، حتى وكأنه لم يبق على الأرض غيرهم، فهم منشغلون بأنفسهم، حتى إنه لا يفرق بينهم إلا الحاذق المطلع على خلافاتهم فيما بينهم، أما عامة الناس فيعتبرونهم جماعة واحدة متناقضة، تفرق بينهم المصالح، وقد يكون هذا الوصف صحيحاً ينطبق على الكثير منهم، فكم من مدّعٍ للسلفية يركض وراء مصالحه، ناهيك عن أن يكون أولئك الأذناب حثالة المجتمع الذين يسبحون بحمد أسيادهم أولياء أمورهم، فالتفرق والاختلاف لا يحقق النتائج المرجوة من الجهود الدعوية، بل على خلافه كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود ، قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من المئين من آل حم الأحقاف ، وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت المئين . قال : فرحت إلى المسجد ، فإذا رجل يقرأها على غير ما أقرأني ، فقلت : من أقرأك ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لآخر : اقرأها ، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي ، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله , إن هذين خالفاني في القراءة ، قال : فغضب وتغير وجهه ، وقال : ( إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف " . قال : وعنده رجل ، فقال الرجل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرأني ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف . قال : فقال عبد الله : فلا أدري أشيء أسره إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-, أو علم ما في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) .فكيف لهذه الدعوة المباركة أن تؤثر في العامة، وتخرجهم من ظلمات الجهل والتقليد، إلى نور العلم والاتباع مع ما عليه دعاتها من تفرق واختلاف؟ فإذا كان فساد العامة يؤثر في نجاة الأمة كما في قوله تعالى: { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }. الأنفال. (25) وفي الحديث الصحيح ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ). فكيف بأن يكون كثير من الدعاة فاسدين، والغريب في الأمر أن هؤلاء يؤصلون في دروسهم ومحاضراتهم حكم الاختلاف والتفرق، وما ينتج عنه من أمور سلبية، ثم يقعون هم في مثل ذلك، فالواجب عليهم قبل أن ينكروا على غيرهم، أن ينكروا على أنفسهم اختلافاتهم فيما بينهم لما يترتب على ذلك من العذاب الأليم. قال تعالى :{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.آل عمران. ( 105 ) وقد شددت على هذه القضية في رسالتي- أيها السلفيون، أما آن لكم أن تتوحدوا؟_ إذن فتفرق السلفيين واختلافاتهم أدت وتؤدي إلى إعراض الناس عنهم، مما يتوجب عليك أخي السلفي أن تتقي الله، وتعمل على توحيد الدعاة إلى الله، وأن لا تكون حجر عثرة أمام العمل الجماعي تحت ذرائع واهية، وأسباب خاوية.

ثالثاً : التشدد في مسائل الاجتهاد:

لم يكن الاجتهاد عند أهل السنة والجماعة سبباً لتفرق المسلمين، بل كان باب رحمة واسعة، هذا
إن ضبط بضوابطه الصحيحة، والتزم المجتهدون بآداب الخلاف، وبين العلماء للعامة أن مسائل الخلاف غير ملزمة للأمة، بل هي اجتهادات منها الصحيح ومنها الخاطئ، وترجع في عمومها إلى قول الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: كل الناس يؤخذ من قوله ويرد عليه، إلا صاحب هذا القبر- وأشار إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- وهذا خلاف ما نراه في خلافاتهم الاجتهادية، فقد حصروا الدين في مذهب الإمام أحمد- رحمه الله تعالى- أو في مذاهب غيره، ثم جعلوا ما ذهبوا إليه أصلاً في المنهج، حكموا على المخالف له بالضلال، وهذه قضية لا بد
أن ينتبه إليها طلبة العلم، وهي أن الإسلام أعم من أن يوضع في مذهب، أو أن يمثله مذهب خاص، ناهيك عن أن يمثل المنهج بشخص، فهذا كله مناف لمنهج أهل السنة والجماعة، فمنهج أهل السنة والجماعة، هو منهج كل مسلم لم يدخل في معتقدات الفرق الضالة، فكل علماء السلف الصالح في مذهب أهل السنة والجماعة، بغض النظر عن كونهم حنابلة، أو شافعية ، أو مالكية، أو غير ذلك، فالمذاهب الأربعة وغيرها على منهج أهل السنة والجماعة، ولا يجوز لمسلم أن يخرج إحداها عن المنهج رغم كثرة الاختلافات بينها، والمشاهد أن كثيرا من أهل السنة يحصرون المنهج في مذهب، أو في شيخ، أو في جماعة، وهذا كله من الأخطاء القاتلة، فكثير ما يضلل العامة بسبب مخالفتهم لمذهب أو شيخ، بل أصبح كثير من الرموز في الدعوة السلفية موافقتهم دليلاً على كون الموافق سلفياً، وإذا ما خولف في مسألة نفى أتباعه عن مخالفيه الانتساب إلى مذهب السلف، حتى أضحى الحكم على الأحاديث بالصحة والضعف موقوفة على تخريج رمز بعينه، وإن كنا نحترم هؤلاء الرموز، ونقر بعلمهم وفضلهم، لكننا لا نقر بأن المرجعية المطلقة لهم، وأن مخالفتهم خروج عن منهج أهل السنة والجماعة، بل هم كغيرهم ممن سبقهم ينظر في أقوالهم كما ينظر في أقوال غيرهم، فكما يجيز السلفيون الرد على الإمام الشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، لا بد أن يجيزوا الرد على أشياخهم من باب أولى، أما أن يجعلوا مخالفة أشياخهم خروجاً عن المنهج، فهذا من الظلم والخيانة، فهم على علم ودراية بأن الله سبحانه لم يوجب على الناس اتباع غير الرسول صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }. الأحزاب( 21 ) وتقديم العامل على المعمول يقتضي الحصر، وأن ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم- منها ما هو صريح الدلالة، ومنه ما هو محتملها، وما كان من قبل الثاني فالأمر فيه واسع ما لم يخالف نصاً صريحاً، أو إجماعا معتبراً، وما دون ذلك فهو داخل في خلاف التنوع لا يلام صاحبه ولا يشدد عليه، بل يقر على فعله ويُعتبر ما ذهب إليه حكم الله في حقه، أما أن يؤثم ويعترض عليه، فهذا ليس من أخلاق السلف في شيء، بل وقد رأينا وسمعنا كثيراً منهم يحكمون على غيرهم بالوقوع في البدع لمجرد مخالفتهم إياهم لحديث أفتى بعض علمائهم بضعفه حتى لو صححه كثير من أهل العلم، وهذا ما ينفر الناس عنهم، فهب لو قلد طويلب علم إماماً في تضعيف حديث قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وحكم ببدعيّة هذا الفعل، ثم حصل أن دخل مسجداً من المساجد قبيل صلاة الجمعة ورأى شيخاً كبيرا يقرأ سورة الكهف، وكان قد اعتاد على قراءتها سنين طويلة، ثم عاجله الحكم وقال له: يا سيدي، إن قراءة سورة الكهف بدعة ضلالة-إذ كل بدعة ضلالة- فماذا يا ترى سيكون موقف هذا الشيخ الكبير أن يشكر للرجل إنكاره عليه، أم يعاجلوه المسبات والشتائم والاتهامات؟ حتما سوف ينكر عليه أشد الإنكار، وسيخرج هذا الرجل بأن هذا الشيخ مبتدع وعدو لأهل السنة والجماعة، ولم يدر هذا الرجل أنه كان سببا في وقوع هذا الشيخ بالاعتداء عليه وعلى من ضعف الحديث، وذلك لعدم اتصافه بالحكمة، فالحكمة أمر مطلوب، ووصف مرغوب، قال تعالى :{ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } . البقرة( 269) وقد ألزم الله سبحانه الدعاة بالتحلي بالحكمة فقال :{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}. النحل( 125) ولو تحلى هذا الداعي بالحكمة لما نهى هذا الرجل عن قراءته لسورة الكهف يوم الجمعة ، لأن الحكم على تضعيف الحديث ليس محل اتفاق بين علماء الحديث، ولأن المسألة قد يدخلها الخلاف، ولأن كثيرا من أهل العلم يحثون على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، ولأن المسألة واقعة بين الراجح والمرجوح، لا بين الاتباع والابتداع، وما علم هذا الرجل أنه كان سببا في نفور هذا الرجل عن طلبة العلم والاستفادة منهم، ويدخل في ذلك أيضاً أولئك الذين لا يفرقون بين الوسائل والأهداف، وما كان عبادة، أو استعين به على عبادة، وبين الراجح والمرجوح، وبين البدعة والسنة، وما إلى ذلك، لذا كان لزاماً على من يتصدر للدعوة أن يكون بصيرا في هذه المسائل، حتى لا يخلط الحابل بالنابل، والغث في السمين، ومن العجائب أن رجلاً قام ذات يوم في مسجد جامع وأنكر على القائمين على المسجد بأنهم صنعوا منبراً لا يقتصر على ثلاث درجات معتبراً هذا الفعل بدعة لعدم التزامهم بوصف منبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- فقلت له: وهل إذا زادت درجات المنبر على ثلاث يعتبر هذا الفعل بدعة؟ فأجاب : بنعم، فقلت له: ولم ذلك؟ فقال: لأن منبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- لم يزد عن ثلاث درجات. فقلت: وما كان لون منبر الرسول – صلى الله عليه وسلم؟ وما كان نوع الخشب الذي صنع منه؟ وما كان مقدار عرض الدرجة الواحدة وارتفاعها؟ وما إلى ذلك. فأجاب بدهشة: ولم كل هذه الأسئلة؟ فقلت لأن السنة تقتضي أن نفعل مثل فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم- فإذا كان واجباً علينا أن نلتزم بعدد درجات المنبر، وجب علينا أن نلتزم بسائر صفاته. فأطرق الرجل دهشة وقال: لا أعلم. فانظر يرحمك الله كيف يطير هؤلاء بنشر ما يقلدون دون أدنى تدبر، وما علم أولئك أن المنبر لا يراد لذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غاية، وهي الظهور بقصد الإسماع، ومن باب آخر فإن دليلهم ليس صريحاً بل محتمل، ومخالفته جائزة، وإن أحسنا الظن بالمخالفين قلنا: رأينا راجح، ورأيهم مرجوح. وما أتيت به هو مجرد أمثلة لتتضح الصورة، وإلا فالخلاف في هذا كبير. وعليه كان الإنكار على الناس بمثل هذه المسائل والتشديد عليهم سبباً مباشراً لإعراض الكثيرين عن الدعوة السلفية.

رابعاً : إلزام الناس بالعلوم الشرعية :

قد تظن أخي الحبيب أنني أقلل من شأن العلم، أو لا أرى أهميته، بل العلم واجب، وهو أصل في فهم الكتاب والسنة، وديننا يقوم على العلم، فكان أول ما أُنزل من القرآن آيات العلم، قال تعالى : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }. ( 5 ) من سورة العلق. وهذه الآيات تتضمن من الدلالة أمراً عجيباً، إذ يبين الله سبحانه فيها أنه أنعم على الإنسان بالعلم، ولكن الشاهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لم يكن من أهل القراءة ولا الكتابة فهو – صلى الله عليه- وسلم أميّ، قال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }. الجمعة ( 2) فلم يكن –صلى الله عليه وسلم – قارئاً ولا كاتباً وهذا واضح في الحديث الصحيح عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة , وكان لا يكاد يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح , وحبب إليه الخلاء , وكان يأتي حراء فيتحنث فيه , والتحنث هو التعبد الليالي ذوات العدد , ويتلذذ لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده بمثل ذلك , حتى يجيئه الحق وهو في غار حراء , أتاه الملك , فقال له : اقرأ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : فقلت : ما أنا بقارئ، قال : فغطني حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني, فقال : اقرأ ، فقلت : " ما أنا بقارئ " ، وقال : فغطني حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني " , فقال : اقرأ ، فقلت : " ما أنا بقارئ " ، قال : " فغطني حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني , وقال Sad اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ علم الإنسان ما لم يعلم سورة العلق ) .آية( 1 – 5 ) بل بين الله سبحانه أن الرسول –صلى الله عليه وسلم – لو كان عالماً بالقراءة والكتابة، لارتاب المبطلون، قال سبحانه :{ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }. العنكبوت( 48) والشاهد من هذا كله أن الله سبحانه أرسل في العرب رسولاً أمياً ليعلمهم الكتاب والحكمة، مما يدل على أن كل مسلم قادر على التعلم حتى لو كان في أصله غير عربي، والإسلام دين عام يخاطب الناس جميعاً قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }. سبأ( 28) وقال سبحانه : {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }. النساء (79) والناس فيهم الكبير والصغير، والعالم والجاهل، والعرب وغيرهم، وكل هؤلاء مطالبون باتباع الكتاب والسنة، ولو كانوا غير قادرين على الفهم لما كلّفوا باتباع الكتاب والسنة قال تعالى :{ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }. البقرة( 286) فالعلم واجب، والإعراض عنه كبيرة إذ من شروط العمل العلم بالحكم الشرعي قال تعالى :{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }. الإسراء( 36) وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ ). وهذا حديث يدل على وجوب العلم إذ كل من خرج عن طلب العلم مع مقدرته عليه يدخل في عموم الذم، والعلوم الشرعية كسبية لقوله – صلى الله عليه وسلم Sad يا أيها الناس إنما العلم بالتعلم ، والفقه بالتفقه ، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما يخشى الله من عباده العلماء ، وإن تزال أمة من أمتي على الحق ظاهرين على الناس ، لا يبالون من خالفهم ، ولا من ناوأهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون). صحيح أن الله سبحانه يفتح على أناس دون غيرهم بالفهم كما في قوله تعالى :{ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً }. الأنبياء(79) فقد خص الله سبحانه سليمان بالفهم دون داود عليهما السلام، وإن كانا قد استحقا معاً الوصف بالعلم، وهذا يدل على أن الفهم أخص من العلم، وهو نعمة من الله سبحانه يتفضل بها على من يشاء من عباده، وأما العلم العام فهو بمقدور الجميع كما في الحديث السابق، ومن الفوائد التي تذكر في هذا الباب أن الله سبحانه قدم آدم على الملائكة لما اختصه به من العلم دونهم، قال سبحانه: { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }. البقرة( 31 ) إلى قوله تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }البقرة( 34) والنصوص الدالة على فضل العلم ووجوبه كثيرة، وما أتيت بهذه المقدمة إلا لنفي شبهة القول بعدم وجوب العلم عند بعض( المحبين). ولكن ما أردت قوله هو، إنه بات يُنظر إلى الدعوة السلفية على أنها دعوة علمية لا وجود للعامة فيها، وقد سمعت كثيراً من أهل الخير أنهم تركوا حلق العلم لعدم مقدرتهم على المتابعة لما في ذلك من مشقة عليهم، وكأن أصحاب هذه الدعوة يوجبون على العامة أن يكونوا طلبة علم بالمعنى المعهود، كأن يكون الطالب حافظاً لكتاب الله عن ظهر قلب، أو حافظاً للصحيحين وغيرهما من كتب السنة وغيرها من المعاجم والأسانيد، ويكون ملماً بالمتون العلمية، الفقهية والحديثية واللغوية وما إلى ذلك، ولم ينتبه هؤلاء إلى كون هذا العلم ليس واجباً أصلاً، أي ليس واجباً على المسلمين أن يكونوا حفظة لكتاب الله سبحانه، أو لسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم -، وإن كان الإسلام يحث على الحفظ، ولكن كون الأمر واجباً شيء، وبين كونه محبباً شيء آخر، فيجب على فئة من المسلمين أن يكونوا علماء يرجع إليهم في مسائل الاختلاف والحاجة، ولا يجب أن يكون كل المسلمين علماء، قال تعالى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }. التوبة( 122) وأهل الحق لا يقتصرون على طائفة العلماء، وإن كان العلماء خواص هذه الأمة وأعلاهم درجة، وأكثرهم

فضلاً، كما في قوله تعالى : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }. الزمر( 9) إلا أن أهل الحق أعم من أن يحصروا بأهل العلم، ولهذا يفرق كثير من أهل العلم بين الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، ولو رجعنا إلى واقع الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- إذ هم خير هذه الآمة، وأعلاهم سنداً، وأكثرهم فضلاً، لم يكونوا علماء جميعهم، لذا قسمهم بعض أهل العلم إلى خمس طبقات، كبار الصحابة، وغيرهم، فقد كان في طبقات الصحابة – رضي الله عنهم- أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والعشرة والمبشرون بالجنة- رضي الله تعالى عنهم جميعاً- وكان فيهم أيضاً ذلك الأعرابي الذي بال في ناحية المسجد كما في الحديث الصحيح عن أنس – رضي الله تعالى عنه- قال : أن أعرابيا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبال فيه ، فقام إليه القوم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( دعوه ، لا تزرموه ، ثم دعا بماء ، فصبه عليه ) . ولا شك من أنه لا مساواة بين كبار الصحابة الذين شهدوا بدراً، وبين من جاؤوا بعدهم قال تعالى :{ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }. الحديد(10 ). فالصحابة- رضي الله تعالى عنهم- كانوا متفاوتين بالعلم والفضل، وإن كانوا جميعاً من أهل الحق الذين رضي الله سبحانه عنهم، وهذا ما يجب أن يعلمه السلفيون، أن الأمة طبقات منها العلماء، ومنها العوام، وأنه لا يخاطب العلماء بما يخاطب به العوام، وإن كانوا جميعاً مكلفين بالأحكام الشرعية، والمقصود بالتكليف أي ما كان مدرجاً تحت الواجبات العينية، والعلوم الشرعية لا تنحصر في الواجبات العينية، بل تتعداها في فروض الكفاية ، وإلى السنن والمستحبات، فصحيح أنه يجب على كل مسلم أن يوحد الله ولا يشرك به شيئاً، ولكن ليس واجباً عليه أن يتعرف على كل تفاصيل العقيدة، وكذلك الحال في الفقه وغيره، فما دام في الأمة علماء يقومون بما أوجب الله عليهم من البيان والتعليم، فلا تلزم الأمة كلها بهذا العلم، إذ هذه الأبواب من العلوم هي تحت فروض الكفايات، وما تحتاج إليه الأمة في هذا الزمان، هم الدعاة الصادقون الذين يأخذون بأيدي الأمة إلى النجاة، أي يخرجونهم من البدع والمحدثات، والمعاصي وغير ذلك من الظلمات، إلى النجاة من خلال المتابعة لما كان عليه الصحابة وغيرهم من التابعين لهم بإحسان، فالأمة بحاجة إلى مرجعية عامة يلتف حولها الصادقون، سواء كانوا من طلبة العلم، أو كانوا من العوام، وما يحتاجون إليه أكبر بكثير مما ينشغل به العلماء، فإننا نرى الفجوة كبيرة بين العلماء والعامة، وقد ضربت ذات يوم مثلاً لمن كانوا في مجلسي فقلت لهم: انظروا إلى تلك المحاضرات الفضائية لأهل العلم وتأصيلهم لبعض قواعد العلوم، وكم يأخذون من الوقت لتفاصيل هذه العلوم، ثم انظروا إلى ما بعد اللقاء العلمي خاصة إن فتح العلماء باب الأسئلة للعامة، فعن ماذا ستكون الأسئلة؟ حتماً ستكون في أبواب عامة بعيدة عن موضوع الندوة أو ما شابهها، وذلك بأن العلماء في واد، والعامة في واد آخر، فالعامة يحتاجون إلى من ينزل إلى مستواهم ليأخذ بأيديهم إلى أعلى الدرجات، في الوقت الذي لا يقدرون هم على الارتقاء إلى درجة العلماء، لذا كان الرسول – صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس بما يعرفون- ولا يخاطبهم فوق عقولهم- لأن هذا إنزال للناس في غير منازلهم، وهذا خلاف لقوله – صلى الله عليه وسلم – كما في الحديث عن عائشة –رضي الله تعالى عنها –أنه مر بها سائل فأعطته كسرة ، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل ، فقيل لها في ذلك ، فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( أنزلوا الناس منازلهم ). وكذلك قول أمير المؤمنين علي – رضي الله تعالى عنه – كما روى عنه البخاري – رحمه الله تعالى - قال : حدثوا الناس بِما يعرفون، أَتحبّون أَن يُكَذَب اللّه ورسوله؟. ومخاطبة الناس على قدر عقولهم من الحكمة التي أمر الله سبحانه بها الدعاة، قال سبحانه :{ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }. النحل( 125 ) أما أن تجعل الدعوة السلفية دعوة خاصة بأهل العلم، أو يطلب من العامة أن يكونوا علماء، فهذا ما ينفر الناس عن هذه الدعوة المباركة، وهذا ما يجعل الناس يلتفون حول المبتدعين الذين يعيشون يعالجون أوضاع الناس بالعواطف البعيدة عن نور العلم ، أكثر مما يلتفون حول العلماء الداعين، وعليه يجب على هؤلاء الدعاة أن يخاطبوا الناس بما يجب على الناس، وأن لا يخاطبوا الناس فوق عقولهم، لأن هذا سيكون سبباً لإعراض الناس عن الدعوة السلفية، فالأمة تتحرك بشعوبها لا بعلمائها، إلا أن تكون الشعوب تابعة لعلمائها، وهذا ما لا نراه في هذا الزمان، وأذكر مرة إنني سألت أحد الأخوة الأفاضل عن عدد العلماء في ديارهم، فأجاب بأنهم كثيرون أكثر من أن يحصوا، فقلت له: ما هي نسبة تأثيرهم على الواقع العام، سواء أكان واقعاً سياسياً، أم اقتصادياً، أم عسكرياً، فأطرق رأسه وقال: للأسف قليل جداً، ثم حدثني بحادثة تدل على مدى استهجان الحكام للعلماء واستهتارهم بهم، وهذا مما يدمي القلوب، فنحن بحاجة إلى علماء لهم تأثير في واقع الأمة كما كان الحال مع الإمام العز بن عبد السلام، وغيره، نحتاج إلى علماء يلتف الناس حولهم، وهذا لا يكون إلا من خلال معايشة العلماء للعامة، لا أن يكون العلماء في قصور مغلقة ، أو بروج مشيدة، أو حلق محصورة، الناس في جانب، وهم في جانب آخر، فقضايا الأمة وهمومها أكبر من أن ينظر إليها من زاوية واحدة، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعالج في الأمة كل ما تحتاج إليه، ويخاطب جميع أفراد الأمة بغض النظر عن علومهم ومكانتهم، فهو رسول الله للناس كافة، لا لفئة خاصة، وهذا ما يجب أن يفهمه السلفيون، أن دعوتهم عامة لا بد أن ينتمي إليها جميع المسلمين، أما أن يجعل من الدعوة السلفية دعوة علمية صرفة، فهذا ما يجعل الناس ينفرون من هذه الدعوة، إذ يجدون عوائق بينهم وبين الدعاة، والله سبحانه أعلى وأعلم.

خامساً : عدم وضوح الأهداف من الدعوة:

إن كثرة الاختلافات في الجماعات السلفية، أدت إلى عدم وضوح الأهداف، بل قد تكون الأهداف لدى بعضهم سلبية، فعلى سبيل المثال ما هو هدف السلفيين الذين يعتبرون الحكام أولياء أمور شرعين، فهؤلاء يحرمون الخروج عليهم، بل يحرمون مجرد الإنكار عليهم، ويعتبرون ذلك من أكبر الكبائر، ويشددون على المخالفين، ويصفونهم بأكثر الصفات شناعة، فما هو هدفهم من دعوتهم؟ يقيناً ليس تغيير واقع الحكام، فهم لا يسعون لتغيير الواقع من خلال تغيير أولياء أمورهم، بل يريدون تطويع العامة لرغبات حكامهم، والحكام من أبرز الشرائح الفاسدة في المجتمع، ولأن يسار إلى تغيير واقع المسلمين من خلال بقاء حكامهم على ما هم عليه، فهم يقتصرون بدعوتهم إلى بيان ما عند غيرهم من المخالفات، ولا يتطرقون إلى ما فيه خلاف لأولياء أمورهم، وأخشى أن يكون الهدف من دعوتهم إبقاء هؤلاء الحكام متربعين على عروشهم مضيقين الخناق على شعوبهم.

وهنالك فئة ليس بالقليلة من السلفيين، يحصرون أنفسهم بالعلم والتعاليم بعيداً عن الاحتكاك بالواقع، أو العمل على تغييره، ومنهم من يرى وجوب معاداة الكافر وإخراجه من بلاد المسلمين، دون وضع آلية واضحة أو خطوط مفصلة، وهذا ما لا يوجد عند غيرهم من الجماعات الإسلامية، فنرى كل جماعة من هذه الجماعات قد وضعت لها هدفاً واضحاً عملت على تحقيقه من خلال خطوات متسلسلة، ووضع الهدف الواضح هو ما يساعد أفراد الجماعة على التواصل، على خلاف المنتسبين إلى الدعوة السلفية، فهم غير متواصلين بسبب عدم وجود الهدف الموحد، والخلافات بينهم كثيرة، وكثرة خلافاتهم جعلت منهم – في نظر العامة- جماعات لا يوثق فيها، وهذا مما يتسبب بإعراض العامة عن منهجهم، خاصة حين نظرتهم لأولئك المعوقين أصحاب الهوى الداعين للحكام، الملمعين لسياساتهم الغاشمة، وقد انعكست الصورة على جميع السلفيين بغض النظر عن كونهم موالين للحكام أو لا ، وكنت قد بينت في رسالة سابقة وجوب توحد السلفيين فيما بينهم، وهنا أقول: إن من أبرز ما يحقق الوحدة للدعاة السلفيين، هو وضع أهداف واضحة يجتمع على تحقيقها المخلصون، تكون بمثابة منهج عام تندرج تحته سائر المصالح الشرعية، ووضع الهدف العام والعمل على تحقيقه هو ما يميّز من خلاله بين الصادقين والكاذبين قال تعالى : { مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }. آل عمران ( 179 ) ولا أرى هدفاً لهذه الدعوة أسمى من دعوة الناس إلى التوحيد بكل أنواعه، في مقدمته دعوة الناس إلى توحيد الحاكمية التي يعتبرها الموالون بدعة من البدع، حيث لم يرد دليل من أقوال السلف على كون الحاكمية قسماً من أقسام التوحيد،والرد على هؤلاء سهل ميسور، فهل ذهب العلماء إلى هذه التقسيمات إلا لبيان أهميتها في الأمة؟ فما هدف العلماء من تقسيم التوحيد إلى قسمين، توحيد الألوهيّة، وتوحيد الربوبية، إلا بيان معاني التوحيد حتى يفهم الناس الإسلام على حقيقته، فإثبات وجود الخالق لا يعني بالضرورة نجاة أهله، فقد يكون الناس مشركين حتى مع الاعتراف بوجود الخالق، كما هو حال مشركي العرب قال تعالى حاكياً عنهم: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }.العنكبوت( 61) وقال سبحانه : {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ }. العنكبوت( 63) ومع هذا فهم كافرون لعدم تحققهم على توحيد الألوهيّة الذي هو أصل الخلاف، قال تعالى :{ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }. ص( 5) فمشركو العرب لم يجحدوا وجود الخالق سبحانه، بل جحدوا أن تكون العبادة خالصة له، فهم مع إقرارهم بوجود الخالق، لم يسلموا بتوحيد العبادة، وإن من توحيد العبادة أن يكون الحكم لله قال تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. الشورى( 21 ) وهذا ما يدل عليه توحيد الحاكمية، أي أن لا يكون الحكم إلا لله، وهذا من قبيل التفصيل في باب توحيد الأسماء والصفات، إذ قسما التوحيد مشتمل على توحيد الأسماء والصفات، ولكن لما كثر فيه الخلاف، وأنكره البعض، أو تساهلوا به، جعل العلماء التوحيد يقوم على ثلاثة أقسام، ومنها توحيد الأسماء والصفات، وهذا ما نقوله في توحيد الحاكمية، فقد تساهل فيه الكثيرون حتى أخرجه البعض من باب الاعتقاد، وجعله من فروع الدين، ولم يقيموا عليه ولاء ولا براء، بل قد عابوا على من عدّه أصلاً في التوحيد، إرضاء لأسيادهم، ومن خلال نظرتنا لواقع الأمة العام، أدركنا أن دعوة الناس إلى تحكيم شرع الله مسألة يجتمع عليها، فالمسلمون بفطرتهم يدكون أحقيتها وأهميتها، ولا أخال صادقاً حريصاً على سلامة نفسه في الآخرة يتثاقل عن القيام بما أوجب الله عليه وإن كان في ذلك عناؤه، لكن الأمة بحاجة إلى قيادة راشدة صادقة يثقون بها، يعملون من خلالها على تحقيق مصالحهم العامة، ومن هنا كان القول بوجوب تحديد هدف واضح للدعاة السلفيين يدعون الناس إليه، ولا بد أن يكون هذا الهدف هدفاً واقعياً ممكن التحقيق، لا هدفاً وهمياً يصعب تحقيقه، إذ الهدف الذي يستحيل تطبيقه لا يكون هدفاً، وعند إقرارنا لهذه القضية، يتحتم علينا وضع آلية صحيحة لتحقيق الهدف، إذ لا يتصور العمل على تحقيق الهدف من غير أن يكون لتحقيق الهدف آلية صحيحة، فتحديد هدف من غير طريقة لتحقيقه جهل بالهدف، كما أن وضع آلية لتحقيق الهدف من غير مراعاة لصحتها شرعاً، وكونها ممكنة التحقيق خطأ فادح، وعليه كان عدم تحديد الهدف، ووضع آلية لتحقيقه سبباً مباشراً لإعراض كثير من الناس عن العمل تحت راية الدعوة السلفية.

سادساً: الهروب من التنظيم:

إن تنظيم الأعمال عند السلفيين، يعني التحزب، والتحزب من النواحي العلمية حرام، أقول علمياً إذ ثابت في الواقع أن السلفيين من أكثر المسلمين تحزباً - إلا من رحم ربي سبحانه - ومع ذلك فهم يفرون من التنظيم وكأن التنظيم من أبرز أنواع الشرك، أو لأنه قد يفهم من التنظيم ما يخشاه أولياء الأمور، أو لأن أولياء الأمور هم من ينظمون المجتمعات الإسلامية، وعليه فقيام أي تنظيم خارج عن نطاق ما يسمح به الحكام، يعتبر خروجاً عليهم، والمتأمل في واقع السلفيين يجد أن كثيراً من الأحكام الشرعية تعطل تحت ذريعة مخالفة أولياء الأمور، ولنا أن التنظيم مسألة ضرورية في حياة الجماعة المسلمة، فلا يكاد يحقق له هدف من غير تنظيم، فالنظام سمة بارزة في هذا الدين، فلا يكاد يخرج عن النظام شيء، ولم يعرف تاريخ البشرية نظاماً كنظام الإسلام، لذا عمد الإسلام إلى تحريم كل ما من شأنه أن يحول دون وحدة المسلمين، ووحدة المسلمين حتى تتحقق تحتاج إلى أعلى درجات التنظيم، وقد حرص الإسلام على تنظيم المسلمين حتى خارج نطاق الجماعة الأم كما في قوله – صلى الله عليه وسلم – : ( إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم ذاك أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ). ومفهوم الحديث أنه يجب على كل ثلاثة انقطعوا عن الإمارة العامة، أن يؤمروا عليهم أحدهم، وذلك دفعاً لأسباب التفرق، إذ يكون المسافرون منقطعين عن الإمارة العامة، وخروجهم جماعات من غير تنظيم يؤدي إلى أسباب الخلاف الحاملة على التفرق، وهذا ما يحرمه الإسلام،فكيف بعامة المسلمين اليوم وقد دخلوا في أصناف ما يبعث على الخلاف والتفرق، وأصبح لكل طائفة منهم نهجهم وطريقهم وشيخهم وما إلى ذلك، بل الواجب على السلفيين أن يوحدوا بين جهودهم حتى تثمر، ويعمدوا إلى تنظيم صفوفهم حتى يتسنى لهم قطف ثمار دعواتهم، لا أن يوسعوا دائرة الخلاف بينهم، وقد سبق أن نبهنا إلى هذا في أكثر من موضع، وكما ذكرت فإن تحقيق الأهداف مسألة لا بد لها من تنظيم، كما لا بد له من توافق عام، فحرمة التفرق ووجوب قيام الجماعة لا يتحقق إلا وفق نظام عام تلتزم به الجماعة، ولا بد لهذا النظام أن يكون مستنداً إلى الكتاب والسنة، أما جعل تنظيم العمل بدعة، أو تحزباً، فهذا لا يكون إلا ممن لا يرى وجوب العمل على تغيير واقع المسلمين، بل يعمل على تثبيت الظلام، وصد الناس عن ما يجب عليهم اتجاه دينهم وأمتهم، فكيف لجماعة تدّعي أنها تسير على نهج المصطفى - صلى الله عليه وسلم- ثم لا تكون متلاحمة كما في قوله – صلى الله عليه وسلم – قال : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ). وإن مطالبة السلفيين بالتوحد تعني وجوب وضع نظام يلتزمونه، ولهذا أرى أن من أسباب انفضاض الناس عن الدعوة السلفية، هو عدم التنظيم النابع إما عن عدم تحديد هدف، والتعامل مع الواقع على أنه واقع صحي، أو نابع عن التفرق والاختلاف، وعلو بعضهم على بعض، وهذا ما كنا أشرنا إليه برسالتنا- أيها السلفيون، أما آن لكم أن تتوحدوا- ولا يخفى عليك أخي الفاضل أن كثيراً من أهل الخير من أتباع المنهج السلفي الحق، يحرصون على وحدة العمل، وتنظيمه، ودعوة الناس إليه، وعدم تنفير الناس عنه،إلا أن مخالفيهم كانوا على الساحة العملية أوضح وذلك لما يبذله أولياء أمورهم من العمل على تلميعهم وإظهارهم، وتمكينهم من اعتلاء المناصب الحساسة في الوظائف وغيرها، وإتاحة المجال لهم ليصلوا إلى كل قريب وبعيد، لما يحققونه لهم من منافع كثيرة تعين على بقائهم، والقضاء على أعدائهم، على خلاف أولئك المخلصين، فكثير منهم قابع في السجون، أو ملاحق من قبل أذنابهم، أو خائف على نفسه، أو ما شابه ذلك، إلا أن الحق لا بد له من أن ينتصر، فهذا وعد الله سبحانه قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }. التوبة( 33) لذا أخي الحبيب أهيب بك إن كنت حريصاً على دعوة الحق، دعوة السلف الصالح، الدعوة التي دعا إليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دعوة الصراط المستقيم، أن تعمل وفق ما يرفع من شان هذه الدعوة، ويرغب الناس باتباعها، ولا تكونن من الذين يصدون عنها وهم يزعمون أنهم ينتسبون إليها، فالدعوة إلى هذا المنهج الحق، تحتاج إلى حكمة وعلم، وتعاون، ودفع لكل أسباب الفرقة والخلاف، كما تحتاج إلى تنظيم وآلية عمل ليتحقق للدعاة ما يتطلعون إليه، نسأل الله العلي العظيم أن يهدينا سبل السلام، ويوفقنا إلى ما يحب ويرضى، إنه جواد كريم، وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
adawy1985
مؤسس الموقع
مؤسس الموقع
adawy1985


عدد المساهمات : 2443
تاريخ التسجيل : 10/05/2010
العمر : 38
الموقع : wwwadawy.yoo7.com

عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية Empty
مُساهمةموضوع: بارك الله فيك   عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 13, 2012 10:16 am

اخى الكريم ناصر السنه

تتشرف ادارة المنتدى بأختيارك مشرف قسم دين ودنيا
ونرجو منك القبول فى الانضمام لفريق العمل
ونتمى منك ان تستمر على نهج الاسلام الوسطى والوصل الى الارتقاء
بالاسلام واحترام جميع الاديان

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wwwadawy.yoo7.com
ناصر السنة
عضو جديد
عضو جديد



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 11/06/2012
العمر : 36
الموقع : ابداع شباب بحرى

عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية Empty
مُساهمةموضوع: رد: عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية   عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية I_icon_minitimeالخميس يونيو 14, 2012 4:35 am

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والله اعجز عن شكركم على هذه الثقة اخي مدير الموقع والادارة المحترمة وان شاء الله اكون عند حسن ظنكم ان شاء الله اخوكم في الله ناصر السنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عراقيل في الاقبال على الدعوة السلفية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ابداع شباب بحرى :: ديـــــــــــــــــن ودنيـــــــــــــــــــا-
انتقل الى: